سلوكنا ليس إلا نتيجة لافكارنا ..
وإذا أردنا تغيير سلوكنا وردود افعالنا (اقوال، افعال، مشاعر، استجابات فسيولوجية) تجاه الاحداث و المواقف المختلفة التي تواجهنا .. علينا تغيير مصدرها (افكارنا)
قسم المعرفيون من علماء النفس الأفكار إلى ثلاث مستويات..
مستوى الأفكار التلقائية Automatic thoughts
هي الأفكار التي تقفز مباشرة إلى ذهنك عند الحدث ولا تملك ايقافها
مستوى الأفكار الوسطية
الافتراضات الكامنة Underling assumptions
هي قوانين للحياة و افتراضات و إتجاهات يصل لها الشخص باستقراء خبراته الحياتية .. ويستخدمها في مواجهة حاضره ومستقبله..
فتجده يحدد لنفسه إتجاهات (مع/ضد موضوعات مختلفة)
وقواعد وتعميمات وتصنيفات و إشراطات (إذا حدث كذا سيحدث كذا)
استنتجها من ماضيه
ويستخدمها في تحديد الصواب والخطأ ما يجب وما لا يجب في حاضره ومستقبله
مستوى الأفكار العميقة
المعتقدات الجوهرية Core believes
وهي قناعات راسخة متجذرة تشكلت من الطفولة حول النفس والآخرين والعالم والمستقبل ..
جامدة..
وتتميز بالعمومية..
قد تكون ايجابية أو سلبية..
لا يدركها الشخص لأنها مخزنة في اللاوعي Unconscious ومن الصعب إخضاعها لإرادته و سيطرته الواعية..
تظهر على السلوك بوضوح في لحظات الضغوط النفسية.
مثلاً..
الحالة 1: مريض اكتئاب بعد فقد عزيز..
الأفكار التلقائية >> يستدعي ذكريات وصور ذهنية لمن فقده ..
الافتراضات والقوانين >> إذا فقدته سأفقد كل شيء، لن يعوضني عنه أحد ..
المعتقدات الجوهرية >> حياتي تعتمد عليه (اعتمادية) ..
الحالة 2: مريض رهاب إجتماعي (الخوف المبالغ فيه من مواجهة الآخرين)
الأفكار التلقائية >> ماذا أقول؟ سأرتبك .. سيلاحظون إرتباكي ..
الافتراضات >> لا يمكنني الكلام في المواقف الاجتماعية.
المعتقدات الجوهرية >> أنا ضعيف وفاشل وعاجز.
نلاحظ أن الأفكار التلقائية تقوم على الافتراضات والتي لا تعدو كونها إستناج خاطئ لمقدمات لا شعورية مغلوطة (المعتقدات الجوهرية)
وبذلك نجد أن المعتقدات الجوهرية تمثل الجذور الأساسية للاضطراب النفسي..
تغيير هذه المعتقدات المتجذرة سيتبعه تغيير في السلوك والشفاء من الاضطراب لكن ذلك للأسف لن يحدث بسهولة بمجرد سماع نصيحة عابرة أو حضور محاضرات التنمية البشرية لأنها مقاومة للتغيير بطبيعتها..
لذلك أحدث وأفضل طريقة لعلاج الاضطرابات النفسية (العلاج السلوكي المعرفي CBT) تقوم على تغيير البنية المعرفية بتدريبات سلوكية مدروسة.
الشاهد من كل هذا ..
هو التأثير الحتمي والحاسم لخبرات الطفولة في تكوين الشخصية وتشكيل الاضطرابات النفسية..
ما يتحول له الأبناء في المستقبل هو نتاج المعتقدات التي زرعناها بأفعالنا تجاههم في طفولتهم ..
فأحسنوا التربية أثابكم الله .. حصنوا أبناءكم ضد الاضطرابات النفسية .. أكسبوهم مناعة ذاتية قوية .. ازرعوا في رؤوسهم معتقدات الكفاية والقدرة والثقة .. ليواجهوا بها تحديات الحياة..