السلاحف المثابرة

الخميس، 29 ديسمبر 2016


‎لبقية الوقت ..
‎سيبقى الأرنب أرنب 🐇🐇
و ستبقى السلحفاة سلحفاة 🐢🐢
‎حتى و إن ثابرت السلحفاة و نجحت في أحد السباقات..
‎لأنها لم تكن لتنجح مهما ثابرت لو لم يخطئ  الأرنب أساساً ..




‎في عالم الكبار ..
‎أُقدِّر المثابرة ..
‎لكن لا يعجبني صنف (السلحفاة المثابرة) من الناس ..
‎وبالتأكيد لا يعجبني (الأرنب النائم) ..
‎أُفضِّل (الأرنب الذي يتصرف على طبيعته) 😊

‎لأن في عالم الكبار ..
‎تجد هذا "الأرنب" شخص عقلاني، منطقي، وعملي..
 منحه الله موهبة .. و يتصرف وفقاً لها بشكل طبيعي ..
‎لا ينافس أحد .. و لا يتعامل مع الحياة كسباق أصلاً ..
‎لا يسعى للتقدم كغاية بحد ذاتها ..
‎تقدمه يكون مجرد نتيجة لاستخدامه قدرته الفطرية ..

‎بينما تجد صنف (الأرنب النائم)
‎يمتلك قدرة فطرية .. لكن لا يتقدم ..
‎إما أنه لا يعرف أنه يمتلكها .. لأنه يسيء تقدير ذاته ..
‎أو يعرف .. لكن يتكاسل عن استثمارها ..
‎غالباً تجده لا يستخدمها إلا في حالة الاستعراض و التباهي  بها..
 يبحث من خلالها عن الإعجاب في أعين الآخرين لا أكثر ..
‎لا احترم هؤلاء؛ لكن على الأقل لا يؤذون إلا أنفسهم ..

‎أما (السلاحف المثابرة)
‎لا يمارسون حياة طبيعية وفقاً لقدراتهم، و لا يتقبلون أنفسهم كما هم عليه ..
‎شعورهم -غير المبرر- بالنقص يمنعهم من الاستمتاع بالحياة كرحلة، يتعاملون معها كسباق ..
‎و يقحمون أنفسهم في ميادين الأرانب ..
‎تنافسيين بشكل بغيض..
‎يضغطون على أنفسهم، و يشكلون عبء على من حولهم ليتقدموا!
‎الوصول للنجاح عندهم هو الغاية العظمى..
‎تجدهم يهملون عائلاتهم و يتجاهلون أدوراهم الطبيعية في الحياة سعياً وراء سرابات النجاح و المناصب و الألقاب و الشهادات و المسميات ..
‎كل هذا بسبب حاجة عصابية لنيل التقدير والاحترام من خلالها ..
‎المؤسف ..
‎أنهم لا يدركون أنه حتى إن وصلوا ..
‎سيبقون في نظر الناس مجرد سلاحف حمقاء تقحم نفسها في سباق الأرانب..
و تضحي بكل شيء و تكاد تهلك  .. حتى تتقدم!

‎في مسيرة حياتي التي لم أصل فيها لشيء سوى تقدير المحبين
‎وجدت أكثر من شخص يندرج تحت فئة السلاحف المثابرة
‎يضغط على نفسه ويهمل عائلته ويفقد أصدقاءه  إضافة إلى الكثييييير من القيم الأخلاقية من أجل منصب أو لقب علمي!!
‎لا يهمه أن يقدم إضافة للعلم أو العالم من خلال منصبه أو لقبه العلمي..
‎يهمه بناء مجد شخصي وسمعة..
‎لا يهمه أن "يكون" ذكي ولامع ومهم ومميز..
‎يهمه أن "يبدو" كذكي ولامع ومهم ومميز!!
‎المشكلة أنهم لا يدركون كم يجعلهم هذا التظاهر حمقى و مثيرين للشفقة بالنسبة للآخرين..
‎ولا يدركون أيضاً حجم و أهمية ما خسروا ..
‎(صحتهم و عائلاتهم و أطفالهم و أصدقائهم و قيمهم الأخلاقية وراحة البال و السعادة والاستمتاع بالحياة)

‎أرجوكم..
‎لا تهتفوا لهذا النوع من السلاحف و تشجعوا مثابرتهم
‎لأن في عالم الكبار ..
‎القصة معقدة .. معقدة كثيراً .. و هناك كثير من المتضررين..
‎تقدم السلاحف لا يفيدهم و لا يفيد أحد ..
‎تقدمهم لن يغير الصورة النمطية عن السلاحف ..
‎السلاحف المثابرة هي من حول الطبيعة الجميلة إلى ميدان سباق تنافسي .. العيش فيه لا يطاق..

‎مفهوم النجاح في مجتمعنا يقابل الحصول على الشهادات و الوصول للرتب و المناصب أو تحقيق الشهرة!
‎هل تعتقدون أن هذا هو النجاح الحقيقي؟؟!!

‎بالنسبة لي لم تعد المؤهلات و الألقاب والمناصب دليل على النجاح أو الذكاء أو التميز أو المثابرة .. أو أي شيء يستحق التقدير ..
‎أقدر كل من يعبر عن الصورة الخام لذاته ويقوم بدوره كما يجب ويستمتع بالحياة دون تكلف أو إدعاء و تزييف..
‎و النجاح في نظري هو أن تضيف شيء لهذا العالم ..
 و ليس مجرد أن تضيف لنفسك ..
‎كما ‏أفضل النجاح الذي يأتي نتيجة لاستخدام الخيال و الإبداع و الذكاء ..
أكثر من النجاح المبني على الألم والمعاناة و المثابرة..

‎ و أجدني صغيرة أمام كل أم ذكية و عظيمة، لا يعرفها أحد، ضحت وسخرت قدراتها للتربية و توقفت قصداً عن المثابرة في سباقات تحقيق الذات من أجل رعاية أطفالها...
‎أقدرك ..
‎أقدرك كثيراً ..
‎بمثلك يجب أن نفخر ..
‎"ولا عزاء للسلاحف البغيضة" ..




هناك تعليقان (2):