من المفارقات العجيبة في هذه الحياة ..
أن ترى شخص من قلب المأساة في حلب
يتحدث عن الأمل والصمود والقوة والعزة ..
وتجد شخص هنا يعيش في قلب الرفاهية
يتنهد ويبكي وينهار .. إلخ من الميلودراما الرخيصة
بسبب خلاف عائلي بسيط مثلاً !!
هذا دليل كافٍ على أن المعاناة النفسية لا ترجع بشكل مباشر للأحداث المؤلمة..
و"الناس لا يضطربون بسبب الأحداث ولكن بسبب أفكارهم التي يسبغونها على الأحداث" هذه المقولة للفيلسوف اليوناني ابكتيتوس هي من ألهمت مؤسس العلاج العقلاني الإنفعالي السلوكي ألبرت اليس في نظريته ABC.
يرى أليس أننا نتعامل مع الأحداث النشطة Active event بحسب خبراتنا السابقة والمعتقدات والإتجاهات التي نحملها Believes والتي بدورها تثير المشاعر وتدفع السلوك (مآلات consequences)..
نحن لا نرى من الشخص إلا المآلات C ونربطها مباشرة بالحدث A ونغفل عن وجود B الأفكار ..
المآلات C التي تنتج عن الحدث نفسه A تختلف من شخص لآخر وهذا يؤكد على اختلاف وجهات النظر B تجاه الحدث نفسه من شخص لآخر، وعلى أن استجاباتنا يمكن أن تتغير بتغير تصورنا للحدث.
جمع أليس الأفكار اللاعقلانية التي يتبناها مرضاه وتتسبب في سوء تكيفهم مع أحداث الحياة فيما يلي:
- يجب أن يحبني الجميع ويعاملونني برفق ومثالية.
- يجب أن أكون مثالي وناجح لأكون ذا أهمية.
- مصيبة أن تسير الأمور على غير ما أريد.
- التعاسة سببها الظروف الخارجية التي لا يمكن التحكم بها.
- يجب توقع الأمور الخطيرة والمخيفة والمبالغة في الحذر منها.
- تفادي الصعوبات أسهل من مواجهتها.
- من الضروري أن يكون هناك شخص يحبني و استند عليه.
- تأثير الماضي كبير ولا يمكن استبعاده وتخطيه.
- هناك حل كامل ونموذجي لكل مشكلة ويجب إيجاده أو انتظاره.
- يجب أن أحزن مع الآخرين و اشاركهم معاناتهم.
و يعتقد أليس أن الانسان يجد من الأسهل عليه أن يفكر بلاعقلانية و يتصرف بطفولية تجاه الأحداث المؤلمة إلا أنه ينبغي ألا يفعل ذلك..
الحزن وارد وجائز .. وكل جرح سيأخذ وقته ويلتئم ..
لكن استمرار العبث بالجروح و الانهيار و الانغماس في الحزن والضيق الطويل لا يغير الموقف إنما يزيده سوء ..
و إذا كان من المستحيل عمل أي شيء لتغيير الحاضر المؤلم فإن الشيء المنطقي الوحيد الذي يمكن عمله هو أن نتخطاه نحو المستقبل.
خلال نموه يجب أن يتبنى الإنسان فلسفة عقلانية عن الحياة ويكتسب مهارات التكيف والتغافل والتخطي.. <<كلام وجدان
سيستقر انفعالياً و ينضج عقلياً إن أدرك أنه لا يعيش في جنة وسط الملائكة وكل رغباته تتحقق بسهولة .. إنها (دنيا) ..
"والآخرة خيرٌ و أبقى"
0 التعليقات:
إرسال تعليق