التشوهات المعرفية

الاثنين، 5 ديسمبر 2016
لا ننجح دائماً في إستقراء خبراتنا الحياتية بطريقة صحيحة للوصول إلى نتائج صحيحة..
كثيراً ما نختزن إفتراضات كامنة خاطئة تتحكم بسلوكنا وقد تقودنا للعزلة والإنطواء وتؤثر سلباً على حالتنا المزاجية وقدرتنا على إتخاذ القرار الصحيح وتتسبب في شعورنا بالبؤس والشقاء



التشوهات المعرفية Cognitive Distortions
هي إفتراضات كامنة خاطئة يكونها الفرد و يدرك من خلالها نفسه والعالم من حوله بطريقة مشوهة ولا تمثل الواقع الفعلي على حقيقته..
المشكلة أن من يتبنى هذه الأفكار يتعامل معها على أنها حقائق مطلقة ويعتقد أنه يرى الأمور على ما هي عليه وأن طريقة تفكيره حيالها منطقية ومعقولة..
المشكلة الأخطر أن علماء النفس المعرفي يرجعون سبب الإصابة بالإضطراب النفسي (إكتئاب / قلق / رهاب / وسواس) لوجود نوع أو أكثر من هذه التشوهات..

١- الكل أو لا شيء
التفكير الحدي .. إما أن أكون ناجح في كل شيء أو فاشل لا أصلح لشيء .. إذا فقدت كذا سأموت .. إما أن أحقق كل أهدافي وإلا سأنتهي .. إما أبيض أو أسود .. لا يوجد مساحات رمادية ..
صاحبه يفتقر للمرونة
و يصنف الناس إلى فئات (إما ... أو .. )
و يتكرر في كلامه (دائماً / كل / أبداً)
رغم أن الحياة بطبيعتها مرنة لا يوجد فيها ما هو (دائم) أو ما يمكن تعميمه بالمطلق (كل) أو من المستحيل حدوثه (ابداً) !!

٢- التعميم
يصل إلى نتيجة غاية في العمومية بسبب دليل واحد فقط
أو يعمم موقف واحد على بقية المواقف المشابهة..
يتمثل التعميم في جمل نسمعها كثيراً (ما احد يحبني) (دايم كذا حظي) (كلهم زي بعض) (مابقي صداقة) (مافي رجال طيب) (مافي بنت صاحية) !!

٣- القفز إلى النتائج
ثبت أن مريض الإكتئاب خاصة لا يحتمل  حالة عدم اليقين أو أن لا يكون متأكد من شيء فيسارع إلى إصدار أحكام و يقفز لإستنتاجات سلبية بسرعة دون أدلة منطقية..
صاحب هذا التشوه يؤمن بقدرته على التنبؤ..
قد يقول (مستحيل يتحسن الوضع بعد اللي صار)
وقبل العمل يقول: بأرفضه واضح من أول يوم ما بأنجح فيه ..
وقبل الإرتباط يقرر: زواجي بيفشل ما راح نتفق..
كذلك يؤمن بقدرته على قراءة أفكار الآخرين ..
(أدري يفكر في كذا) (عارف بيسوي كذا) (أنا أفهمه بدون ما يتكلم)

٤- التهويل و التهوين
بتقدير حدث بشكل لا يتفق مع تقييمه الواقعي وما هو عليه فعلاً..
لا ينظر بطريقة متوازنة للحدث ككل فتجده يكبر السلبيات والمخاطر ويبالغ فيها ويهون الإيجابيات وربما لا يراها أصلاً..
يبالغ في الأحداث السلبية (أنا أنتهيت) (مافي أمل)
ويهون الإيجابيات (يمكن يجاملني أو يشفق علي مو لأني أستحق)

٥- التفكير الكارثي
وهذا ما يسهل ملاحظته لدى الشخصيات القلقة والوسواسية وتتكرر في أذهانهم أسئلة (ماذا لو .. ؟)
ويتخذون ردود أفعالهم بناء على أسوأ السيناريوهات المحتملة..

٦- الشخصنة
أخذ الأمور بشكل شخصي
(اكيد كل الناس ملاحظين سمنتي وبيتكلمون فيها)
(ما رد على سؤالي شكله يعتقد إني سخيف و مومهم)
أو المبالغة في لوم الذات والشعور بالذنب (أنا السبب) (ما كان صار كذا لولاي) (أنا شؤم)
أو يلوم شخص آخر ويعتبره مصدر بؤسه وشقاءه

٧- التجريد الإنتقائي (التصفية العقلية)
نظرة الشخص للأمور متحيزة فيأخذ منها ما يتفق مع قناعاته السلبية ويعززها ويهمش بقية الأحداث
فمثلاً من يعتقد أن الحياة مصالح تجده لا يركز إلا على المواقف التي تدعم صحة إفتراضه ويهمل ما دونها..
أو ينتقي من حديثك جملة واحدة تعزز أحدى قناعاته ولا يتوقف عن التفكير فيها؛ رغم أن مجمل الحديث كان جيد!!

٨- الكمالية و القواعد الإلزامية
يلتزم بصرامة بمعايير عالية و يفترض أنها واجبة و يعتبر أن إنتهاك هذه المعايير خطأ..
متطلب جداً ويسعى لأن يكون كل شيء مثالي وعلى طريقته الخاصة
يسعى للكمال .. وبما أن الكمال مستحيل تجده يشعر بالنقص والإحباط ولا يستمتع بحياته..
و حين تراجع معاييره تجد أنها متصلبة و لا واقعية و ملزمة لما لا يلزم !!

٩- الإستدلال الإنفعالي
يفهمون ويفسرون الأمور و يتخذون القرارات بناء على إحساسهم الداخلي!!
يعتقدون أن ما يشعرون به صحيح تلقائياً و أن ظنونهم ومشاعرهم هي إشارات كونية غامضة عليهم إتباعها
متجاهلين (عسى أن تكرهوا شيئاً)
ومتجاهلين كل معطيات الواقع وما قد يحتويه من دلائل منطقية على إمكانية حدوث ما يخالف إحساسهم..

١٠- مغالطة التغيير
لا نعمل على التكيف والتقبل، و تكوين توقعات واقعية..
نريد حياة بلا صعوبات وتحديات وبلا أخطاء..
نريد أن تتغير الأمور لصالحنا ..
و نطالب من حولنا ونضغط عليهم ليتخلصوا من كل عيوبهم و يتصرفوا كما نريد منهم..


اخيراً.. 
ما نعتقده ليس بالضرورة صحيح..
يجب أن نراجع إفتراضاتنا الكامنة .. ونضعها محل شك دائماً ..
مجرد وعينا بما قد نحمل من تشوهات معرفية هو نصف الطريق..
بقي النصف الآخر: هل نتخلص منها أم نحتفظ بها؟؟






0 التعليقات:

إرسال تعليق