ما وراء المعرفة

الاثنين، 12 ديسمبر 2016



أرقى مستويات التفكير أن يفكر الإنسان في تفكيره..
(بطتنا بطت بطتكم)
Thinking about thinking
بمعنى أن يعرف كيف يخطط ويراقب وينتقد و يُقوِّم ويتحكم بتفكيره ..
هذا ما يعرف بمهارات ما وراء المعرفة..
مهارات لمعالجة  الأفكار وإدارة مهام عملية التفكير تشبه تماماً مهارات ما وراء الذاكرة




لنظرية ما وراء المعرفة تطبيقات مهمة في علم نفس التعلم وعلم النفس التربوي لكن هنا سأتحدث عن دورها في الإضطرابات النفسية..
الفكرة التي تطرحها النظرية حول الإضطرابات هي أن:
 آلية التفكير process أهم من محتوى التفكير content في نشأة وإستمرار الإضطراب.

مشكلة المضطربين ليست فقط في ورود الأفكار السلبية على عقولهم، إنما في الآلية التي يتعاملون بها مع الأفكار أيضاً..

كيف يتعاملون مع الأفكار؟

١- بإجترار الأفكار:
التفكير التكراري المستمر وإعادة تمثيل المواقف في المخيلة و إستحضار المشاعر السلبية المصاحبة لها..
أيضاً إعادة وتكرار أسئلة: (ماذا لو...؟) في القلق والوسواس أو (لماذا...؟) في الإكتئاب..

٢- بإستراتيجيات التحكم الفاشلة:
يجد الشخص صعوبة في الإنتباه للعالم الخارجي ويتمركز إنتباهه على أعراضه وحالته الداخلية ويغرق في دوامة أفكاره..
ويبدأ بالإنزعاج الشديد من تفكيره و يقلق من قلقه ويكتئب من إكتئابه..
وهذا يفضي إلى اللجوء لإستراتيجيات فاشلة لقمع التفكير مثل: (التدخين، الكحول، المخدرات، العزلة والتفادي والإستسلام في الاكتئاب و السلوك الوسواسي في الوسواس القهري، والتهرب من المواقف لإيقاف القلق أو الرهاب)..
هذه الإستراتيجيات ماهي الإ محاولات فاشلة لإسكات الأفكار الُملِحة وتأتي دائماً بنتائج عكسية و تضاعف الشعور بالهشاشة النفسية..
فهناك علاقة تيارية (تأثير وتأثر) بين السلوك والأفكار؛
السلوك يدعم ويرسخ الأفكار والأفكار تسبب السلوك..
وهذه السلوكيات الفاشلة ماهي الا وسيلة لتكريس فكرة سيئة عن نفسه مفادها: (أنا عاجز وضعيف وفاقد للسيطرة)
فيبقى عالق يتنقل من السلوك السلبي إلى الأفكار السلبية والعكس.

٣- بتوهم العجز عن السيطرة:
أكثر سؤال وصلني كرد فعل على مقال التشوهات المعرفية: كيف نتخلص منها؟
الإجابة: حين تقرر . . (هل ستتخلص منها أم لا؟)
مجرد معرفتك بما تملك من تشوهات .. نصف الحل ..
حيث تنتقل أفكارك إلى مجال السيطرة الواعية
فتبدأ بتقييمها ونقدها .. كقولك لنفسك: (صحيح أنا أبالغ في تقدير الأحداث) (قفزت إلى نتائج تشاؤمية و أتخذت قرارات خاطئة) ثم يمكنك أن تتدخل بعد ذلك لضبطها ودحضها و إستبدالها بأفكار أنضج و أكثر واقعية..
التثقيف النفسي يزودك ببصيرة وحكمة لقراءة المواقف الحياتية ..
النصف الآخر من الحل .. هو الخيار بين أن تُحسِن إدارة تفكيرك وسلوكك أو تستمر بما أنت عليه حتى تفقد السيطرة وتقع في هاوية الإضطراب ؟
والأهم .. أن تكف عن الإعتقاد الساذج بأنك عاجز عن التغّير و أن تتوقف عن إنتظار شخص ما  ليغيرك و يساعدك ويمارس دور "البطل" المُخلِّص في حياتك؟
أنت "بطل" نفسك ..








0 التعليقات:

إرسال تعليق