نظرية التعلق

الخميس، 5 يناير 2017



تطورت نظرية التعلق نتيجة لأبحاث بولبي Bowlby على الأيتام و المشردين بعد الحرب العالمية الثانية والتي وجدت أن التعلق سلوك فطري طبيعي في الطفولة؛ حيث أن الطفل بحاجة لتكوين علاقة إجتماعية حميمة مع شخص واحد من مقدمي الرعاية له (رمز التعلق الأم ومن الممكن أن يكون أي شخص إذا تعامل بطريقة حميمة مع الطفل وبشكل منتظم لفترة من الزمن) لا يفترض بولبي كغيره أن هذه العلاقة تقوم على تلبية الحاجات البيولوجية أو لمجرد خفض دافع الجوع إنما علاقة تقوم على تقديم الرعاية والحماية والدعم لطرف ضعيف يأخذ دور المتلقي (الطفل).





تنشأ الرابطة التعلقية إبتداء من عمر ٦ أسابيع تقريباً وتشتد في الشهر الثامن - يستنكر بسم الله عليه 😂- وتبلغ ذروتها حوالي سنة ونصف إلى سنتين ومع النمو يفترض أن تنخفض سلوكيات التعلق مثل التشبث و الإتباع وتزداد الاستقلالية بانتقال الطفل إلى سنوات الدراسة، حيث يفترض أن يُطور معظم الأطفال علاقة والدية سليمة بعيداً عن سمة التعلق.

قلق الانفصال خبرة مؤلمة يفترض أن يمر بها كل طفل و ينبغي مساعدته على تخطيها بالتدريج قبل السادسة.
ويشكل غياب الأم لفترات طويلة أو الرفض والنبذ والاهمال أثناء فترة التعلق تهديد لسلامة النمو النفسي (الشخصية) والعاطفي والاجتماعي.

ورغم كثرة التفاعلات الاجتماعية التي يمر بها الشخص طوال حياته وتأثيرها في تكوينه إلا أن الدراسات النمائية الطولية (دراسة سمة لدى نفس الأشخاص خلال مراحل مختلفة من حياتهم) تؤكد على أن خبرة التعلق في الطفولة ذات تأثير كبير على العلاقات في الرشد خاصة تلك التي تتسم بالحميمية.


أنماط التعلق الأولى بالأم تبقى ثابتة غالباً لبقية العمر و كأي معتقدات جوهرية لاواعية فهي مقاومة للتغيير، لا تتغير إلا في حالة الأحداث السلبية الصادمة أثناء النمو ..
طلاق الوالدين مثلاً قد يغير نمط التعلق من آمن إلى غير آمن..

كيف؟ ولماذا؟

يقول بولبي أن الطفل عندما يتفاعل مع رمز التعلق يشكل مايسمى بـالنماذج العاملة الداخلية وهي عبارة عن معتقدات عن الذات والآخر تشكل أساس العلاقات فيما بعد.

نموذج يتعلق بالذات: هل أنا جدير بالحب و استحق أن يستجاب لي ..  أم لا؟
نموذج يتعلق بالآخر: هل اتوقع من الآخر الاستجابة لحاجاتي؟ هل يمكن الثقة بوجوده عند الحاجة؟ ما مدى الثقة به كشريك اجتماعي؟

فإذا كان رمز التعلق في الطفولة رافض للطفل وقاسي عليه أو مهمل وغير حساس لاحتياجاته أو يبالغ في الحماية والدلال فإنه سوف يطور نماذجاً عاملة سلبية على أنه شخص غير جدير بالحب و يصعب عليه الثقة والاعتماد على الشريك وبالتالي أنماط من التعلق غير الآمن تتميز بالاعتمادية و التشبث أو الشك والسخط والتردد وسلوكيات تعكس إفتقاره إلى استراتيجيات التفاعل الاجتماعي السليم.
أما إذا كان رمز التعلق شخص محب وداعم ويمكن الوثوق به في إشباع حاجات الطفل بلا إفراط ولا تفريط سيطور الطفل نماذج إيجابية بأنه جدير بالمحبة ويتوقع -كل خير- من الآخر وبالتالي يشكل نمط آمن للتعلق.

وبناء على ذلك أقترح العلماء ٤ أنماط للتعلق لدى الراشدين
 (هي إمتداد لمثيلاتها في الطفولة)



التعلق الآمن: نماذج عاملة إيجابية نحو الذات والآخر.
الشخص في هذا النمط يتميز بتقدير ذات عالي ومستوى مرتفع من المهارات الاجتماعية يسهل عليه الاقتراب من الآخرين مع عدم الخوف من الرفض ولا يقلق من اقتراب الآخرين منه مع الثقة بهم والمرونة والتكيف في حالة الهجر و التخلي.
علاقاته متزنة تقوم على تبادلية الأخذ والعطاء بلا تسلط ولا تبعية ..
ويحقق توازن بين الحميمية والشراكة و الاستقلالية والتفرد.

التعلق المنشغل القلق: نموذج سلبي نحو الذات إيجابي نحو الآخر.
يسعى الشخص هنا إلى بلوغ مستوى عال من الحميمية والاستحسان و يتوقع الاستجابة الكلية من الشريك ويصبح معتمد عليه بشكل مفرط ويظهر درجات عالية من التعبير العاطفي و القلق و الاندفاع في العلاقة.

النمط التجنبي الرافض: ايجابي نحو الذات سلبي نحو الآخر.
يسعى إلى درجة كبيرة من الاستقلالية ويظهر تجنباً للعلاقات لأنه يشعر بالاكتفاء الذاتي، ويرى نفسه محصناً ضد المشاعر ويميل للكبت و الانسحاب والإنكار ويبحث عن حجج للابتعاد عن شريكه لو ارتبط..
-ربما تميلون للنمط التجنبي لكنه الأقل سعادة و الأكثر عرضة للإضطرابات النفسية حسب دراسة -

النمط التجنبي الخائف: نماذج عاملة سلبية عن الذات والآخر.
مشاعره مختلطة تجاه العلاقات الحميمة -تعا ولا تجي-يرغب في التقارب لكن لا يشعر بالراحة إذا أقترب منه أحد  لأنه يميل إلى عدم الثقة بالشريك كما أنه يسعى لكبت مشاعره لأنه يرى نفسه عديم القيمة غير جدير بالحب.

أخيراً؛ طالما تساءلت عن التفسير النفسي لحالة قيس مجنون ليلى - طه حسين يشكك في كونه شخصية أسطورية ودراسة أدبية أكدت وجوده لكن كثير من الأبيات نسبت إليه وليست من نظمه و كثير من المبالغات أضيفت إلى سيرته- اتوقع أن هذه المشاعر المتطرفة من المستحيل أن تكون سوية وطبيعية وشخصيته الهشة على الأغلب مضطربة..
في رأيي عوامل سيكولوجية متعددة شكلت هذه الحالة الشاذة، و هذه القصة التراجيدية ليست مجرد "حب".
( ده Depression يا ابني مش حب) 
و في علاقة محمد ﷺ وعائشة خير نموذج لحب آمن.

هناك 3 تعليقات:

  1. حبيت شلون تطرقتي بالنهاية لتفسير شخصية قيس مجنون ليلى ، موضوع جميل تسلم يمناج

    ردحذف
    الردود
    1. الله يسلمك 🌹 أسعدني تعليقك

      حذف
  2. مدونتك جميله وساعدتني كثير

    ردحذف