تنتشر بين عامة الناس كثير من الاعتقادات الخاطئة المتعلقة بمواضيع علم النفس؛ لذا ينبغي أن لا نفترض أن كل معلومة شائعة هي صحيحة.
لن أتحدث هنا عن دور مدربي الوهم في نشر الكثير من الخرافات المتعلقة بتخصصي؛ مثل أن الشخص لا يستخدم إلا 10% من قدراته العقلية، و النصف الأيمن من المخ إبداعي و الأيسر تخطيطي وغيره من الكلام القديم و المكرر و المنقول الذي يتناقض مع الأدلة العلمية الحديثة.
سأشير في مقالي هذا إلى دور الأفلام و المسلسلات في ترسيخ عدد من الصور النمطية الخاطئة. فمثلاً نجد أن الشخصيات في الروايات و الأفلام تتحلى بخصائص ثابتة ومستمرة (شرير بالمطلق أو طيب بالمطلق) وهذا لا يحدث في الحياة الواقعية حيث أن الشخصيات أكثر تعقيداً من هذه النظرة التجريدية المنقوصة، في الحياة ستبهرك التناقضات و التركيبة المعقدة للشخصية الإنسانية.
غالباً ما يميل صناع الأفلام للمبالغات بهدف صنع قصة مثيرة، كما أنهم لا يهتمون بتحري الدقة حول الظواهر العلمية. وفيما يلي سأقتبس من كتاب (أشهر ٥٠ خرافة في علم النفس) بعض الصور النمطية الخاطئة التي رسختها الأفلام في أذهاننا.
تسجل الذاكرة الأحداث مثل الكاميرا و تخزنها ويتم عرضها على أذهاننا فيما بعد كما حدثت
ذكرياتنا ليست نسخة طبق الأصل من الأحداث الأصلية، وما تسترجعه أذهاننا مزيج مشوش من الأحداث نفسها بالإضافة إلى ما يتوافق مع معتقداتنا و احتياجاتنا و مشاعرنا وهواجسنا .. فذاكرتنا تعيد تشكيل أحداث الماضي.
يفقد المصاب في رأسه ذكريات ماضيه و يسترجعها بإصابة آخرى
المصابين بفقدان الذاكرة بسبب إصابة في الرأس أو سكتة دماغية لا يعانون من نسيان الماضي إنما يواجهون صعوبة في تكوين ذكريات جديدة و تذكر معلومات الحاضر، وفي حالات نادرة جداً يكون فقدان الذاكرة شامل ويتم نسيان الماضي و الحاضر (بعض العلماء يشكك في وجود حالات كهذه أصلاً). أما بالنسبة للتعرض لضربة آخرى في الرأس فهذا بالتأكيد سيتسبب في زيادة التلف العصبي ولن يعيد الذاكرة.
في العلاقات الأضداد تتجاذب و تتكامل
مئات الدراسات أكدت أن التشابه لا يعتبر مؤشر قوي على الانجذاب المبدئي فحسب بل مؤشر على استقرار العلاقة و السعادة الزوجية فيما بعد. ولا يقصد بالتشابه هنا تشابه الميول لنفس الأغاني و الألوان و الأطعمة و فريق كرة القدم إنما التشابه في سمات الشخصية الرئيسية مثل التنظيم و التخطيط مقابل العشوائية، و التشابه في الإهتمامات، و القيم الأخلاقية، و السلوكيات، و الإتجاهات الايديولوجية.
المراهقة هي مرحلة صراعات واضطرابات
تشير الدراسات أن نسبة قليلة من المراهقين فقط يمرون باضطرابات ملحوظة وهي الفئة التي أمتدت معها المشكلات من الطفولة. الاضطرابات في المراهقة إستثناء و ليست قاعدة.
يمر معظم الرجال في الأربعينات أو الخمسينات بأزمة منتصف العمر
لم تتوصل الدراسات التي أجريت على ثقافات متعددة إلى نتائج تدعم هذه الفكرة بل أن هذه المرحلة العمرية غالباً ما تشهد ذروة الأداء النفسي السليم للفرد حيث يشعر الرجل بأنه يملك زمام الأمور في حياته.
في الشيخوخة يصبح الإنسان كئيب و سريع الغضب و كثير النسيان و غريب الأطوار
في الشيخوخة الطبيعية تزيد نسبة السعادة و الرضا عن الحياة غالباً بعد كثير من الخبرات التي ساعدت على تفهم طبيعتها. و ضعف الذاكرة طفيف إلا ما يرتبط منه بأمراض كالخرف و الزهايمر. كثير من المبدعين كانوا في قمة أدائهم بعد الخمسين من العمر. وينبغي مساعدة كبار السن على مواكبة مستجدات العصر و إبعادهم تماماً عن العزلة.
الطفل الذي يعاني من عسر القراءة يرى الحروف معكوسة و غير مرتبة
أطفال عسر القراءة يواجهون صعوبة في تقسيم الكلمات إلى مقاطع صوتية ولذا يقعون في أخطاء عند التعرف على الكلمات قد يكون ذلك بسبب عوامل وراثية.
المرضى النفسيين يتسمون بالعنف و الميل لارتكاب الجرائم
أثبتت دراسة حديثة أن المرضى النفسيين غالباً هم ضحايا العنف و ليسوا المُعنِفين. وليس هناك إلا زيادة طفيفة في إحتمالية اللجوء للعنف لدى الحالات الشديدة من الفصام و ثنائي القطب و إدمان المواد المخدرة مقارنة بالأشخاص العاديين.
التنفيس عن الغضب بتكسير الأطباق أو الصراخ أفضل من كتمانه
تشير الأبحاث إلى خطأ فرضية التنفيس بل أن هذه السلوكيات قد تزيد من حدة الشعور بالغضب وتزيد إحتمالية اللجوء للعنف، حتى و إن أظهرت الأفلام لك تحسن الحالة المزاجية بعدها لأن الحالة المزاجية ستتحسن وحدها و ستخف حدة الغضب تلقائياً دون تنفيس؛ فالغضب شعور و المشاعر مؤقتة.
المصابين بالتوحد عباقرة ولديهم قدرات ذهنية استثنائية
أصحاب متلازمة النابغة (متلازمة ساڤانت) يمثلون نسبة تكاد لا تصل إلى 10% من المصابين بالتوحد بينما نسبتهم 1% من الأشخاص العاديين.
العلاج النفسي يتطلب الاسترخاء على أريكة و استرجاع أحداث الطفولة
هذا المنهج الفرويدي في العلاج النفسي لم يعد يستخدم ، وهناك أكثر من 500 منهج من مناهج العلاج النفسي جميعها يقر بتأثير أحداث الطفولة و لكن لا يهتم بمناقشتها و الوصول للحل من خلالها، إنما يهتمون بحاضر المريض ويتبعون أساليب أكثر فاعلية لمساعدته في التخلص من مشكلته. العلاج النفسي الحديث لا يعتبر أن مراجعة تاريخ المريض مهما كان عميق ومحزن ضروري أو كافي للعلاج.
العلاج بالصدمات الكهربائية وحشي و قاسي و يعاقب به المريض
العلاج بالصدمات لا يستخدم إلا في الحالات الشديدة من الاكتئاب أو الهوس أو الفصام بعد تخدير المريض وحقنه بمرخي للعضلات ويحدث تشنج يستمر لمدة 45 أو 60 ثانية فقط. وكثير من المرضى الذين استخدم معهم هذا الأسلوب من العلاج أقروا بأنه أيسر من زيارة طبيب الأسنان و 98% قالوا أنهم لا يمانعون تكرار التجربة إذا ألّم بهم المرض مرة آخرى.
اخيراً
عليك أن تشك فيما لديك من مُسلمات.
0 التعليقات:
إرسال تعليق