مترجم| الخطايا التربوية العشر

الأحد، 16 سبتمبر 2018





تعتبر الوالدية تدريب عاطفي جنوني، ممتلئ بالمرتفعات
 والمنخفضات، بالمتع و الإحباطات، في دقيقة تجد نفسك سعيد و في الدقيقة التالية تصبح تعيس، تستيقظ في الصباح مبتهج ونشيط و تعود لسريرك في الليل حزين و مكسور الخاطر. صغارك سيضعون وقود صواريخ لمحرك حياتك العاطفية، لكن كيفية إدارتك لهذه الطاقة القوية هي ما يحدد جودة علاقتك بهم في النهاية.
في المرة القادمة التي يفقدونك فيها صوابك، تذكر أن ارتكاب الأخطاء أمر طبيعي، لكن تصحيحها ليس كذلك؛ التصحيح يتطلب شجاعة الاعتراف بالاخطاء و خاصة لصغارك. البدء من جديد و إعادة بناء علاقة صحية معهم يشكل تحدياً لكن ربما تكون هذه آحدى مزايا التربية: أن يمنحك صغارك فرصة للتطور و النمو الشخصي، أن تكبر معهم، هذا لن يجعل منك والد أفضل فحسب بل سيجعلك إنسان أفضل.
دعونا نتعرف على الخطايا الوالدية العشر التي ستمنحك قدرة على التعرف على نقاط ضعفك و العثور على طريقة أفضل لتربية أبناءك و ستطور لديك القدرة على البرود في أكثر المواقف التربوية حرارة..



١٠- إدارة التفاصيل
من يديرون الأمور التفصيلية الصغيرة في حياة أبناءهم ويكرسون حياتهم من أجل خلق بيئة مثالية لهم؛ لا يدركون أن القيام بما يفوق واجبهم تجاه أبنائهم بهذا الشكل سيجعلهم اعتماديين لا يمكنهم الوقوف و مواجهة تحديات الحياة بأنفسهم، لديهم مشكلة في الحكم الذاتي و إتخاذ القرارات، لا يملكون القدرة على القيادة، ويفتقرون للدافعية، وبالرغم من ذكاءهم فإنهم غير ناضجين عاطفياً. فبدلاً من إدارتك للأمور التفصيلية الصغيرة في حياة أبنائك امنحهم الأدوات التي تمكنهم من الاستقلالية و الاعتماد على أنفسهم، وكلما تمكّنوا من إدارة شؤونهم بدون تحكمك بهم، كلما زاد ما يحققونه من نجاح بالاعتماد على أنفسهم.

٩- التدليل
عادة ما تكون تصرفات الوالدين بنية حسنة ولكن التدليل واحد من التوجهات التربوية الكارثية. عندما يخضع الوالدين و يلبون كل رغبات أطفالهم سيكبرون عاجزين عن بناء علاقات صحية و قوية مع من حولهم؛ لأنهم يتوقعون من الجميع ايضاً تلبية رغباتهم، ويلازمهم شعور بالاستحقاق، كما أنهم سيتهربون من التحديات و العقبات و يتجنبون العمل الجاد. عاطفياً؛ ستجدهم يعانون من مزيج غريب من تدني تقدير الذات و العنجهية و الغرور. و للتفادى فخ التدليل عليك أن تعمل جاهداً على تنمية المسؤولية الشخصية لدى صغارك، وتشجعهم على الوفاء بالتزاماتهم و تحمل نتائج أخطائهم. كف عن التدليل و ابدأ التفويض.

٨- النمذجة السيئة
أول و أبرز مهمة للوالدين هي أن يمثلوا قدوة حسنة، وبالرغم من ذلك؛ هناك العديد من الآباء الذين يسيئون السلوك و يقدمون أسوأ مثال لأبنائهم، كالآباء الذين يثورون إذا غضبوا، أو يلومون الآخرين على أخطائهم، و الكاذبين، و المتحايلين المخادعين، أو السطحيين التافهين، أو من يحبون لعب دور الضحية؛ جميعهم يدربون صغارهم على نفس السلوك. لوم صغارك على العادات السيئة التي تمارسها كلوم المرآة على ما تعكسه عنك. تصرف بالطريقة التي تريد أن يتصرف بها أبنائك. كن الشخص الذي تريد أن يكونوا عليه. وقبل أن تحاسبهم على سلوكهم فكر في تعديل سلوكك.

٧- التنمر
الآباء المتنمرين يميلون لإخضاع أبنائهم للسيطرة بالقوة بدلاً من تفهمهم، فتجدهم يغمرونهم بالأوامر و التوجيهات ويهددونهم بالعنف أو يعنفونهم فعلياً. هم بذلك يحاولون تشكيل و تحديد شخصيات أبناءهم بالقوة و الترهيب بدلاً من تركهم ينقبون عنها و يستكشفونها بأنفسهم، كمن يحاول نحت جسد بشري بمطرقة و إزميل. المحزن في الأمر؛ أن أبناء الآباء المتنمرين يعانون من تدني تقدير الذات و اضطرابات القلق ولديهم صعوبات في الثقة في الآخرين و خوف من الحميمية. ربما يظن الآباء المتنمرين أنهم اتبعوا الطريقة الصحيحة للتربية ولكن أبناءهم يعانون بشدة من ذلك.

٦- التذبذب
التربية المتذبذبة تقود الصغار "والمعالجين النفسيين" للجنون. الآباء الذين تتغير مواقفهم و أحكامهم بحسب حالتهم المزاجية، ولا يتخذون مواقف متسقة من السلوكيات نفسها، ولديهم صعوبة في إتخاذ القرارات ، و أداء دور قيادي قوي و ثابت؛ من المرجح جداً أن ينشئوا أبناء متقلبين عاطفياً، مضطربين داخلياً، و بشخصية هشة، لديهم خلل في تعريف أنفسهم، وغالباً ما يطورون سلوكيات تتسم بالعناد و التحدي والمعارضة ليموهوا شعورهم بعدم الإتزان. إن توفير بيت ثابت مستقر ليس بالأمر الممكن دائماً بسبب احتمالية الانفصال أو ظروف العمل، لكن باستطاعتك دائماً توفير تربية ثابتة ومتسقة لأبنائك.

٥- النقد و المقارنة
لا أحد يستمتع بالانتقادات و المقارنات، و رغم تحذيرات التربويين؛ لازال كثير من الآباء يمارسون النقد و المقارنات يومياً: "لماذا لا تكون مثل...؟" "لماذا أنت هكذا؟" بهذه الطريقة يمكنني أن أضمن لك أن تدمر تقديرهم لذواتهم و احترامهم لأنفسهم وستتسبب في بناء "أنا" هشة ضعيفة. الصغار الذين يتعرضون للكثير من النقد ينشأون و هم يعتبرون أنفسهم غرباء ،ناقصين، ومقصرين. ولا يحتفون بنقاط قوتهم لأنهم لم يعرفوها أساساً. النتيجة المباشرة لهذا الأسلوب أن أصوات والديهم السلبية الناقدة الساخطة ستتردد لبقية حياتهم كأصوات داخلية في أذهانهم. إن إيذاءك لأطفالك بأحكامك و انتقاداتك و مقارناتك لن يستغرقك سوى لحظة، لكن من الممكن أن يستغرقهم التعافي منه سنوات.

٤- التنظيم و القيود و الحدود
التنظيم يعني توفير روتين و مواعيد ثابتة و استقرار في الحياة اليومية.
القيود تعني كبح السلوكيات الخطرة و الهدامة بتوليد القدرة على ضبط النفس و الحكمة في إصدار الأحكام و إتخاذ القرارات تجاهها.
الحدود تعني احترام و تقدير المساحة الجسدية و النفسية بين الناس.
بعض الآباء صارمين و متشددين أكثر مما ينبغي في القيود و الحدود، و البعض الآخر لا يوفر تنظيم جيد و لا حدود كافية لينشأوا نشأة سليمة. يجب أن تسعى جاهداً و تحقق الإتزان الصحيح لهذه المعادلة الصعبة، فبهذا يتم تجهيزهم للعلاقات و الوظائف و العالم خارج باب منزلك.

٣- الإهمال
الآباء لا يقررون إهمال أبنائهم و مع ذلك يهملونهم؛ فغالباً ما تشغلهم أعمالهم و يفوضون مسؤولياتهم التربوية للأجداد أو أبنائهم الكبار. انشغالكم المستمر، و تفويتكم الأحداث المهمة في حياة الصغار، و الأسوأ من ذلك حين تكونون مستمعين فظيعين؛ جميعها أشكال متعددة للإهمال العاطفي الذي يقوّض الشعور الصحي بالذات لدى الطفل. الأطفال المهملون عاطفياً يعانون دائماً من اضطرابات المزاج و السلوك. إن تصرف بسيط منك مثل (الاستماع لطفلك) سيكون له تأثير شافي يعالج العديد من معضلات العلاقة بينك و بينه. الطفل الذي يشعر بالتفهم من قِبل والديه لا يجد حاجة للتصرف بطريقة تلفت الانتباه كما أنه سيكون أقل عرضة للتورط في سلوك ضار. إن قضاء وقت جيد في الاستماع و التفهم و التعرف على طفلك لا يكلفك شيء بل سيوفر عليك ثروة من فواتير العلاج النفسي مستقبلاً.

٢- إغفال مشاكل التعلم
العديد من المشكلات الاكاديمية و السلوكية تحدث كنتيجة مباشرة لصعوبات التعلم غير المشخصة. الآباء غير الصبورين يسارعون بإطلاق التسميات على صغارهم: غبي، كسول، بليد، غير مبالي، مهمل؛ جهلاً منهم بما قد يثير اتجاهات أطفالهم نحو المدرسة والتعلم. فحتى الأطفال الأذكياء بشكل استثنائي قد يعانون من صعوبات في سرعة معالجة المعلومات أو الوظائف التنفيدية أو التذكر و الصعوبات الحسية؛ قد تبقى هذه المشكلات التفصيلية خارج نطاق الرادار ولا تظهر تعقيداتها حتى المرحلة المتوسطة أو الثانوية مما يجعل رحلة التعليم بالنسبة لهم رحلة شاقة و مرهقة. لذا احفظ أموالك فالعلاج النفسي لن يتمكن من حل هذه التعقيدات بعد فوات الآوان. و إذا لاحظت على طفلك أي صعوبات في التعلم فالتقييم التربوي هو الخطوة الأولى لإيجاد الحل.

١- إبطال المشاعر
عندما يكشف لك طفلك عن مشاعره و مخاوفه أرجوك لا تعارضه، و تصحح له، و تخبره بما يجب أن يشعر، وتمطره بالنصائح، أو تستغل الفرصة لإلقاء محاضرة عن تجاربك في الحياة. لا تنس أنهم يخاطرون بكشف مشاعرهم لذا حساسيتك مطلب مهم هنا. كل ما يريدونه هو التفهم و المصادقة على صحة مشاعرهم. العديد من أعراض الحركة المفرطة و السلوكيات المعارضة و مشكلات المزاج ستجدها لدى صغار لآباء يبطلون مشاعرهم.

في نهاية المطاف: ستتعلم التربية بالدخول في التجارب. الوالدية كعمل بدوام كامل بدون تدريب أو إشراف، ارتكاب الأخطاء فيه أمر لا مفر منه، لكن لا داعي للقلق؛ ستتطور خلالها يوماً بعد يوم و سنة بعد سنة.




شون غروفر: معالج نفسي وكاتب في التربية
مترجم عن: النص الأصلي













0 التعليقات:

إرسال تعليق