في ٢٠١٧ كنت انصح الأهالي بمشاهدة ومناقشة الجزء الأول من الفيلم مع أطفالهم لأهميته في تنمية الذكاء العاطفي. الفيلم قدم طرحًا منطقيًا وعلميًا مضادًا للخطاب السائد الذي يطالب بالتخلص من المشاعر "السلبية" والابتعاد عن "الأشخاص السلبيين"؛ حيث يؤكد على الدور الوظيفي الهام للمشاعر "الطبيعية"، ويدرب الطفل على قراءة مشاعر الآخر ويساعده على تفهمها والتعاطف معها -قراءة مشاعر رايلي والتعاطف معها-.
ليس عيبًا أو ضعفًا أو "دراما" أو "دلع" أن نحزن أو نغضب أو نخاف و أن نعبر عن هذه المشاعر الطبيعية التي تعترينا. من أسباب رفضنا في المجال النفسي للايجابية الزائفة هي إنكارها لهذه المشاعر الفطرية ومطالبة الأفراد بتجاهلها أو كبتها ولومهم على إظهارها للعلن مما يضطرهم لإخفاء أجزاء طبيعية من أنفسهم خوفًا من الرفض والنبذ والانتقاد واللوم وتصنيفهم ووصمهم بـ"أشخاص سلبيين" مما يعمق من معاناتهم النفسية.
من دروس الحياة الرئيسية أن يتعرف الطفل على مشاعره ويدرك وظيفتها ويتقبل وجودها ويحسن إدارتها ويتمكن من التعبير عنها بالشكل المناسب واللائق اجتماعيًا، وأن يحسن قراءة مشاعر الآخرين ويتعامل معهم بناء على ذلك حتى يتمكن من إدارة علاقاته الاجتماعية بالشكل الأمثل.
في ٢٠٢٤ استمرت بيكسار في إبهارنا بعد طرح الجزء الثاني من الفيلم وأضافت المزيد من المشاعر المعقدة التي تطورت مع وصول رايلي لمرحلة المراهقة نتيجة تطور الوعي بالذات وبالديناميكيات الاجتماعية؛ فالمراهق يهتم بملاحظة نفسه من الخارج وبصورته في أعين الآخرين، ومن هنا تبدأ رحلته مع "السعي للكمال" وتلميع صورة الذات، والتي يتم تعزيزها اجتماعيًا؛ حيث يؤكد لهم أفراد المجتمع من حولهم أن قيمتهم الذاتية تعتمد على تصرفهم بمثالية دون ارتكاب أية أخطاء مما يمنح "القلق" الصلاحية الكاملة للسيطرة على لوحة التحكم بالسلوك.
أعجبني في الفيلم تقديمه للقلق في البداية كشعور طبيعي ومفيد وله دور وقائي مهم في الخروج من بعض المآزق ومواجهة المواقف التي تحتاج إلى مزيد من التيقظ والانتباه. ثم تقديمه كسبب لاضطراب رايلي وإصابتها بنوبة هلع بعد أن استبعدت بقية المشاعر وتُركت له لوحة التحكم بالكامل فبالغ في تقدير الأمور واعتبر أن "عدم قبول رايلي في فريق الهوكي" يشكل تهديد خطير لصورة الذات وهذا مبالغ فيه بلا شك.
أعجبني تقديمه للإحساس بالذات والذي تبلور عن "أحبال" من المعتقدات الأساسية، والتي تشكلت بدورها من مجموعة من "كرات" الخبرات التي مرت بها رايلي، وتصويرهم كل ذلك للأطفال بشكل حسي يسهل عليهم فهمه. رأينا كذلك في الفيلم نسخة ايجابية كليًا من الإحساس بالذات تشكلت خلال الطفولة السعيدة في ظل الآمان والاستقرار والتفهم الذي وفرته أسرة رايلي، والتي تم استبدالها بنسخة مشوهة سلبية كليًا تحت سيطرة القلق، لتظهر في نهاية الفيلم نسخة آخرى واقعية ومتكاملة تتضمن كلا الجانبين: المزايا والعيوب وهذا هو المنطقي والطبيعي بالنسبة للجميع.
مالم يعجبني أن البعض قد يعتقد أن هذه المشاعر لا تظهر إلا خلال مرحلة المراهقة رغم أن الأدلة العلمية تثبت أنها تظهر في وقت مبكر من الحياة. في الجزء الثالث أتمنى أن يبرز الفيلم الفروق بين الأشخاص الأسوياء وغير الأسوياء في القدرة على إدارة المشاعر والتحكم بالسلوك، أن يؤكد على خبرات الطفولة التي تسببت في نشأة تلك الفروق، أن تضاف شخصية تمثل المنطق والعقلانية إلى شخصيات الفيلم، أن تكون القصة عبارة عن رحلة تغيير ناجحة من اللاسواء إلى السواء.
حضوري للفيلم كان أحد التجارب المبهجة والمؤثرة التي مررت بها مؤخرًا، لم يعكر صفوها إلا طفل في المقعد الأمامي كانت الحماسة تسيطر على لوحة التحكم في رأسه الصغير ويقف ويحجب الشاشة في معظم المشاهد المهمة.
ماشاءالله عليك كمان اتمنى من الاسر الجلوس مع الابناء لمناقشة موضوع الفلم لان عمق الفكرة سهل ولكنه سيصل بشكل جيد ومقبول اذا شرحت الفكرة من الابوين ببساطه ليستطيع الطفل الاستمتاع بالمشاهدة عدة مرات
ردحذف