إلى وقت قريب كان علم النفس بكل فروعه منشغل تماماً بدراسة جوانب القصور والضعف والخلل في النفس البشرية، حتى ترأس مارتن سليقمان 1998 جمعية علم النفس الامريكية APA وبدأ عصر علم النفس الايجابي فأتجه علماء النفس لدراسة جوانب القوة مثل السعادة و الإبداع والرضا الوظيفي وغيرها.
ومن الآباء المؤسسين لحركة علم النفس الايجابي ميهالي تسكسينتميهالي عالم النفس الامريكي مجري الأصل والباحث في جامعة شيكاغو الذي كرس حياته لدراسة ظاهرة الإبداع و قابل 91 مبدع في مختلف المجالات في محاولة منه لفهم العملية الغامضة التي تنتج عنها أفكارهم الاستثنائية.
أثناء مقابلته للمبدعين في مختلف المجالات سواء في الرياضيات أو الطب أو الرياضة أو الموسيقى ..الخ؛ أتفقوا جميعاً على المرور أثناء الإبداع بحالة يمكن تشبيهها بتيار ماء يحملهم في مساره، فيجدون أنفسهم منقادين تماماً مع تيار الأفكار ولكن بحالة من الوعي و الإدراك والاستمتاع، سماها حالة (التدفق FLOW) وعرفها بأنها حالة نفسية داخلية تجعل الشخص يشعر بالتوحد مع ما يقوم به من شدة التركيز و الاندفاع بحيوية نحو الأنشطة مع إحساس بالنجاح في التعامل مع هذه الأنشطة.
يمثل التدفق الخبرة الانسانية المثلى Optimal Human Experience والتي تجسد أعلى تجليات الصحة النفسية الايجابية و جودة الحياة، حين يرقى تركيزك إلى درجة الاستغراق المطلق و تتلاشى هويتك و تذوب في طبيعة العمل ويختفي وعيك بذاتك و مشكلاتك وتشعر بأنك خارج إطار الزمان والمكان، حين يكون أدائك في قمة قدراتك و الفهم في أقصى درجاته على أن يكون ذلك مقترناُ بالشعور بالنشوة و الابتهاج والصفاء الذهني. هذه الخبرة نفسها وبدون أي تعزيز خارجي تحفزك على الاستمرار و المثابرة و الالتزام و بذل أقصى الجهود إلى أن يتم إنجاز المهمة بكل هدوء و دون أي جهد عصبي و بمستوى رفيع من الجودة و الأصالة و التميز.
أبعاد التدفق بحسب ميهالي:
- التوازن بين التحدي و المهارة: لتصل إلى حالة التدفق يجب أن تتناسب قدراتك مع المطالب التي يقتضيها العمل الذي تقوم به، فالأعمال السهلة التي تتطلب أداء بأقل من مستوى قدراتنا تبعث فينا الملل، و الأعمال الصعبة التي تفوق مستوى قدراتنا بكثير تثير فينا القلق والارتباك، لكن تلك التي تشكل تحدي معقول (كدرجة آخرى من السلم) هي التي تستحث التدفق.
- اندماج الفعل في الوعي: أن تنحصر بؤرة الوعي و التركيز تماماً في العمل حتى تصدر عنك أفعال تلقائية وتتدفق من ذهنك بسلاسة.
- أهداف شديدة الوضوح: حين يكون لديك رؤية واضحة لنتائج العمل و خطة ذهنية بأهداف تفصيلية محددة وقابلة للإنجاز.
- احساس بالضبط والسيطرة: أثناء كل خطوة من العمل تشعر بثقة من أن كل شيء يسير وفق خطتك الذهنية دون أن تشعر بالضياع أو تبذل أي جهد عصبي يذكر.
- تغذية راجعة مفهومة وغير غامضة: ففي كل خطوة أثناء العمل يمكنك أن تتعرف على الخلل في أدائك وتصححه.
- تركيز تام في المهمة: ما يعرف بأسر المهمة فتصبح أسير اللحظة الحالية وكل تركيزك هنا و الآن (Here & Now) ولا تفكر في الماضي (الأخطاء) ولا المستقبل (المكاسب).
- غياب الوعي أو الشعور بالذات: حين تنسى نفسك و تشعر كما لو أنك مجرد جزء من المهمة و ليس لديك ما يكفي من الإنتباه لمراقبة كيف يشعر جسمك إذا ما كنت متعب أو جائع أو حزين أو تفكر في مشاكلك الأسرية أو العاطفية.
- الشعور بالزمن مشوش ومضطرب: الاحساس إما بسرعة مرور الوقت أو بطء مروره.
- المكافأة الداخلية: وتعني العمل بأقصى امكاناتك حتى وإن لم تؤجر عليه، فيصبح الشعور بالمتعة و النشوة والابتهاج المصاحب للعمل مكافأة داخلية كافية.
يكمن سر الرضا و السعادة و الرفاه النفسي في الشعور باللذة أثناء خبرات التدفق و الاحساس بالجدارة و الفعالية و تقدير الذات بعد الإنجاز؛ لكونها تضفي معنى وقيمة للحياة. لذا على المرء أن يسعى للبحث عن أنشطة تناسب قدراته و عليه اكتساب مهارات تحرره من سيطرة البلادة النفسية والسلوكية.
لكن؛ لماذا يواجه معظم الناس صعوبات في توجيه أنفسهم نحو أنشطة تجلب لهم الرضا و السعادة ويفضلون الخمول و البلادة؟
ربما بسبب الخوف من تقييمات الآخرين و أحكامهم و الانغماس في نمط حياة مليء بالمشتتات ومضيعات الوقت. خسارة أن يضيع وقتي في أنشطة غير هادفة مثل مراقبة تفاصيل حياة الآخرين اليومية على snapchat.
و يعتقد ميهالي تسكسـ... طن طن طن أنه من السهل على النفس البشرية أن تكون سلبية و فوضوية و منشغلة بالأحداث المؤلمة إلا أن التدفق لا يؤجل فقط انشغالنا بالتفكير السلبي بل يساعدنا على تأسيس نظام نفسي مرن نتقبل به الألم كجزء من الحياة و يمنحنا رؤية واضحة و يدفعنا باتجاه التطور وتنمية أنفسنا.
العيب الوحيد في مفهوم التدفق أنه مجرد من القيم Value free فقد يكون الإنسان في حالة تدفق أثناء ارتكابه عملاً إرهابياً أو أثناء لعب البوكر مثلاً.
آخيراً..
ابحث عن المجال الذي يبهجك العمل فيه ويشعرك بالتدفق ..
أياً كان ..
تخصص فيه ..
و أدرسه بعمق ..
و حوله لمهنة ..
إتبع شغفك حتى و إن أودى بك إلى البطالة 😜
لكن؛ لماذا يواجه معظم الناس صعوبات في توجيه أنفسهم نحو أنشطة تجلب لهم الرضا و السعادة ويفضلون الخمول و البلادة؟
ربما بسبب الخوف من تقييمات الآخرين و أحكامهم و الانغماس في نمط حياة مليء بالمشتتات ومضيعات الوقت. خسارة أن يضيع وقتي في أنشطة غير هادفة مثل مراقبة تفاصيل حياة الآخرين اليومية على snapchat.
و يعتقد ميهالي تسكسـ... طن طن طن أنه من السهل على النفس البشرية أن تكون سلبية و فوضوية و منشغلة بالأحداث المؤلمة إلا أن التدفق لا يؤجل فقط انشغالنا بالتفكير السلبي بل يساعدنا على تأسيس نظام نفسي مرن نتقبل به الألم كجزء من الحياة و يمنحنا رؤية واضحة و يدفعنا باتجاه التطور وتنمية أنفسنا.
العيب الوحيد في مفهوم التدفق أنه مجرد من القيم Value free فقد يكون الإنسان في حالة تدفق أثناء ارتكابه عملاً إرهابياً أو أثناء لعب البوكر مثلاً.
آخيراً..
ابحث عن المجال الذي يبهجك العمل فيه ويشعرك بالتدفق ..
أياً كان ..
تخصص فيه ..
و أدرسه بعمق ..
و حوله لمهنة ..
إتبع شغفك حتى و إن أودى بك إلى البطالة 😜
0 التعليقات:
إرسال تعليق