"اعرف نفسك" سقراط ..
فكيف ستسيطر على شيء تجهله أساساً؟!!
لن تتمكن من التكيف و التقدم و الارتقاء قبل أن تعرف نفسك و تُحسِن إدارتها..
يجب أن تكّون تصّور (واقعي) عن سمات شخصيتك ..
ينبغي عليك التنقيب في أعماقك عن مصادر قوتك و استغلالها و إخضاع مصادر ضعفك للسيطرة ..
ويستحسن أن يتم ذلك وفق الطرق السيكولوجية التي أثبتت صحتها الدراسات والاحصاءات الرصينة ..
فهناك الكثير من اختبارات الشخصية الجديرة بالثقة .. ثابتة وصادقة في نتائجها ستغنيك عن الآراء الشخصية أو النتائج المضللة التي يزودك بها أصحاب الابراج والجرافولوجي وغيرهم ..
الشخصية أعقد ظاهرة درسها علم النفس .. لتعدد أبعادها .. تشعبها .. تناقضها .. عمقها وصعوبة سبر اغوارها .. إلا أن العلماء تمكنوا بالتحليل العاملي من اختزال سماتها إلى خمس عوامل أساسية فقط تمكننا من أخذ فكرة أولية ورئيسية صحيحة للحكم على الشخصيات بناء على معايير علمية محكمة..
نموذج غولدبيرغ لسمات الشخصية الخمس الكبرى يلخص مجموعة كبيرة من السمات يمكن إدراجها (حسب التحليل العاملي الاحصائي) تحت أحد هذه العوامل الخمس والتي تشكل جوهر الفروق الفردية بين الناس و أكثر السمات تمثيلاً و أعمقها تمييزاً للشخص..
١- العصابية
بالعامية الحديثة يسمون الشخص العصابي (نفسية، سايكو😂) وتعني النزعة للقلق والحزن والغم والانقباض والمزاج المتقلب.
العصابيون يميلون للمبالغة في استجاباتهم الانفعالية تجاه المواقف ولديهم صعوبة في السيطرة على المشاعر السلبية و العودة للحالة السوية بعد مرورهم بمواقف ضاغطة، ولديهم أيضاً استعداد عالي للإصابة بالاضطرابات النفسية..
هذا العامل يمثل بنية الشخصية الهشة التي يسهل استثارتها..
الطرف الآخر لهذا العامل تجد فيه حسن التوافق والنضج والثبات الانفعالي والمرونة و سهولة التكيف و إعتدال المزاج..
وبين العصابي المنفعل والمرن القابل للتكيف هناك الشخص المعتدل
٢- الانبساطية
عكس الانطوائية.
الانبساطي شخص إجتماعي النزعة، منفتح على الآخرين، حيوي، جريء، ودود، يميل للفعل أكثر من التفكير، يستمتع بمخالطة الناس..
على الطرف الآخر تجد الانطوائي الذي يفضل الاستقلالية ويرتاح للوحدة ويكون عدد أقل من العلاقات.
وبينهما الشخص المتكافئ؛ قادر على التحرك بسهولة مع الآخرين كما هو قادر على العمل في عزلة تامة.
٣- الطيبة
عامل يشمل سمات الدفء، والتسامح، و الحنان، والكرم، والتعاطف، والتواضع، والتعاون، واللطافة، وحسن التعامل.
الطيب يتبنى فلسفة ايجابية في الحياة، و يحرص على أن يكون نافع ومفيد، و يثق بالآخرين ويتوقع منهم الخير حيث تعرف الطيبة بأنها (الثقة والمساعدة في مقابل الشك وعدم التعاون)
على الطرف الآخر تجد الشخص المتحدي، الشكاك، الحذر، الذي يميل للتنافسية، والعدوانية، يركز على حاجاته الشخصية أكثر من مراعاة حاجات الآخرين، ويتكبر ويتعالى ويتسلط.
بينهما الشخص المفاوض؛ حذر لا يثق بالآخرين لكن لبق ويرغب بالمساعدة، وقادر على الانتقال بين القيادة والتبعية حسب متطلبات الموقف.
عيب الطيب أنه شخص تابع وفاقد للاحساس بالذات ويخضع حاجاته الشخصية إلى حاجات الجماعة..
وكفاية تكون إنسان في زمان فيه طيبة القلب بتتعيب .. ياطيب 🎼
٤- يقظة الضمير
يشمل هذا العامل النزاهة و الجدية و الاستقامة و المسؤولية و الانضباط والتخطيط و النظام والتمكن والتأثير والثقة والتعاون والكفاءة و الالتزام بالواجبات وضبط الذات وكبح الرغبات والتأني و الاصرار لتحقيق الإنجازات.
في الطرف الآخر تجد الشخص المرن الذي لا يشعر بحاجة للإنجاز، غير منظم، غير منهجي، غير مكترث بالالتزامات والواجبات، متسرع في العمل ويفتقر التركيز فيه.
بينهما الشخص المتوازن القادر على التحرك بسهولة بين التخطيط والمرونة.
وفي الجحيم يارب تجد اللااخلاقي ميت الضمير اللي يلجأ للطرق الملتوية 😡
٥- الانفتاح على الخبرة
العامل الأخير يصف نوعية التكوين العقلي للفرد ويشمل الشعور بالحاجة الملحة للمعرفة و سعة الخيال، والحساسية للجمال وتقدير الفن و الإتقان والبراعة والأصالة وتوقد الذهن وسرعة البديهة والتلهف للتغيير والإعجاب بالخبرات الجديدة وتقبل التنوع وتبني قيم لاتسلطية والانفتاح على الآخرين.
المنفتح خياله خلاق متحرر من محدودية الواقع وقادر على التفكير فيه و انتقاده ويسعى لتغييره
في المقابل تجد الشخص المتحفظ الذي يخشى التغيير ويفضل التمسك بالواقع المألوف، حازم في رفض التجديد، إهتمامه الفكري ضيق ومحدود وخياله قاصر ولا يهتم بالفنون و الجمال
<< الراديكاليين اياهم 😉
<< الراديكاليين اياهم 😉
بينهما الشخص المعتدل الذي يجمع بين التحفظ وحب المألوف والتسامح مع التغيير والتجديد ومتوسط الحساسية للفنون والجمال.
آخيراً..
لازال الجدل قائم حول عدد العوامل الرئيسية لكن يظل نموذج غولدبيرغ هذا هو أكثر النماذج وصفاً وشمولية و إختصاراً وأكثر قبولاً لدى المختصين مقارنة ببقية النماذج، كما أن له قدرة عالية على التنبؤ بالسلوك حسب نتائج دراسات تجريبية رصينة.
0 التعليقات:
إرسال تعليق