السواء و اللاسواء

كلمة السر: الإتزان

الإتزان هو قانون الوجود  ..

بما في ذلك السواء الانساني..

لو وضعنا ظروف الحياة وتحدياتها في كفة

وقدرة الانسان على المقاومة داخلياُ والمساندة الاجتماعية التي يتلقاها خارجياُ في الكفة الآخرى ..

فهل نضمن الحفاظ على الإتزان بين الكفتين دائماَ؟
إذا تداعت الضغوط على الانسان و تجاوزت قدرته على المقاومة و الصمود فسيفقد إتزانه بلا شك..

ولو افترضنا أن السوي متزن .. مرن .. منتج .. معتدل .. ثابت ..

ردود أفعاله نمطية، متسقة .. ويمكن توقعها

لكونه يتمسك بمباديء ثابتة

ويبني عليها استجاباته في المواقف المختلفة ..

فهل نحن جميعاً أسوياء طوال الوقت؟

الصحة النفسية ليست بالضرورة نقيض المرض النفسي

ويمكن وصف المرض النفسي وتحديده وقياس درجته

بعكس السواء والصحة النفسية

فلا يمكن اخضاعها للقياس العلمي

ويصعب تحديد ما إذا كان شخص ما سوي أكثر من غيره من خلال درجات تحدد الأكثر سواء..

اعجبني كولز (1992) عندما شبه الأمر بالسؤال عما  إذا كانت البرتقالة أكثر "فاكهية" من التفاحة..

فلو جربنا قياس السواء حسب المعيار المثالي الذي يصف الانسان كما يجب أن يكون في نموذج معياري مثالي..

فالسوي غير موجود .. لا يوجد شخص مثالي ..

أما حسب المعيار الاحصائي الذي يستند للصفة عند أكثرية الناس

فسنجد المعيار يتغير من ثقافة لآخرى ..

لا يوجد سواء محدد

وغير السوي لا يعني أنه مريض

أرى أن الجميع معرض لللاسواء من وقت لآخر

من المنطقي أن يفقد الشخص إتزانه إذا تعرض لضغوط تفوق قدراته الدفاعية والتكيفية

" ثم تميل رغماً عنك .. أنت الذي عاهدت نفسك على الإتزان مهما جرى"

يجب التخلص من الاعتقاد بأن الاضطرابات النفسية للقلة الشاذة من البشر

فقد تمر بفترات تفقد فيها السواء ويهتز إتزانك

وتتعرض للقلق أو الاكتئاب أو الرهاب

وتشفى تلقائياً بمرور الوقت دون تدخل طبي

وتنمي بعدها مناعتك النفسية

وتصبح أكثر كفاءة في مواجهة تحديات الحياة وصراعاتها الحتمية

وتطور أساليب فعالة للحفاظ على توازنك وقدرتك على المقاومة والصمود فيما بعد..

دراسة حديثة لديفيد ريتو

نشرت على موقع Psychology today

تشير إلى أننا جميعاً مرضى نفسياً لفترات قصيرة من الوقت على الأقل..

ودراسة طولية كبيرة استمرت لمدة 35 عام تضمنت تجارب واختبارات على أكثر من الف مواطن نيوزلندي بدأت بينما كانوا لا يتجاوزون الثالثة من العمر؛ كشفت أن نسبة 17% من العينة فقط لم تظهر عليهم اعراض أي اضطراب نفسي طوال مدة الدراسة في حين ظهرت الاعراض مرة أو اثنتين بشكل مؤقت على فئة أكبر.

اللاسواء ربما يكون مجرد مرحلة..

و الاضطراب النفسي قد يكون كالعضوي تماماً

بعضه مزمن وبعضه مؤقت وعابر..

أتمنى أن نتخلص من الصورة النمطية للاضطرابات النفسية..

أتمنى لو نصل بسرعة لليوم الذي ننصح أحدهم بالعلاج النفسي دون حرج كما ننصحه بعلاج أي مرض ..

فبسبب وصمة العار التي تلاحق المريض النفسي لبقية حياته

نجد المريض يميل للإنكار و يرفض المساعدة ويفضل التعايش مع المعاناة على زيارة متخصص لمعالجتها والتخلص منها..

اخيراً ..

كف عن الرثاء لحالك ..

" عندما تتخطى مرحلة صعبة من حياتك ..

أكمل الحياة كناجٍ وليس كضحية" جلال الدين الرومي

أنت بطل قصتك ..